2 Jan 2013

هي منّي



"تستطيعين قضاء ليلةٍ عند والِدُكِ إن شئتِ فأنتِ كبرتِ الآن و أصبح عمركِ سبع سنوات وأعتقدُ بأنكِ مستعدة"

إبتسمت إبتسامة يرهقها قلق الإختيار

"حسناً أريد أن أقضي الليلة عند بابا"

حضّرت حقيبتها وذهبت وهي تشعر بأنها كبُرت, بأنها تستطيع الإبتعاد. الإبتعاد عن أول لغة (دقات قلب) كانت تصغي إليها  في أحشائي, أوّل دفء يدين, أوّل حضن, أوّل قُبلة, أوّل شعور بالإنتماء, أوّل كلمة, أوّل خطوة, أوّل سقطة من الدراجة حين رَكَضتُ إليها وضممتها وقبّلت ركبتها الدامية وقلت لها بأنه يجب عليها أن تسقط و تتألم كثيراً قبل أن تتقن ركوب الدراجة.

ذَهَبَت, وقبل تمام الساعة التاسعة ليلاً يرن الهاتف وصوتها يرتجف بالبكاء

"ماما, أريد العودة إليكِ"

تعود وترمي بجسمها الصغير المرتعش في حضني وتجهش بالبكاء وكأنها نادمة على خطأ ما.

قبل سبع سنوات نزعوها من أحشائي, روح تُنزع من روح.. لا تريد أن تَحمِلها الطبيبة لتَزِنها, لا تريد أن تحملها الممرضة, لا تريد أن يتأكد الطبيب من سلامة عظامها وسمعها و بصرها.. فقط تبكي

تعيدها الطبيبة التي يأست من المحاولة إليَ, لكنها لا تريدني أن أحملها ولا تريد أن ترضع. أفتح القميص وأضعها على صدري العاري, جلدها يلامس جلدي, فتهدأ و تنام طوال الليل, تريد فقط الإستماع لتلك الدقات التي إعتادت على سماعها عندما كانت جزءاً مني, لحماً من لحمي, دماً من دمي, قطعة من روحي..


أتذكرُ صوته الغاضب المتذمر دائماً:  "مهما فعلت فهي تحبكِ أكثر مني"