لم يعد "الزهري" لونها المفضل وقد
ألحّت وألحّت لشهورٍ عديدة أن أشتري لها معطفاً من الجلد الأسود..
بَدَأت تُغلق باب غرفتها عنّي، وتلصق الوشم
المؤقت على ذراعها وبَدأتُ أرى العراك بين الطفلة والمرأة
كلتيهما تتناطحان و تتقاتلان من أجل البقاء
أحياناً تطفو الطفلة على السطح بعينيها البريئتين :"ماما،
أحبك"، "ماما أنتِ أروع ماما بالكون"
ثم، أحياناً أخرى تهزم المرأة الطفلة، عيناها تتسعان بشيء من الكره والتحدي والكثير من الحزم والجرأة..
أعرف.. أعرف أن المرأة حتماً ستفوز و أعرف أن عواصفاً كثيرة قادمة باتجاهنا
أنا وهي، عواصف طويلة ومرهقة..
لكنني لا أعرف كيف أكبح جماح أمومتي و حُبّي الخانق.. كيف أقول لها ونحن نبحر في هذه الحياة الزائفة أن الجزر البعيدة التي تود أن تتركني للرحيل
إليها ليست سوى سراب، كيف أشرح لها أن ما تراه ذهباً ليس سوى صخر وتراب..
أجلس وحدي أمام صندوقٍ حفظتُ فيه أشياءها عنما كانت لي، عندما كانت
بحجم حضني الصغير، فساتينها الزهرية الصغيرة، حذاء صغير من قماش، غطاؤها المطرز بالورود الذي لازال يحمل
رائحة الرضيعة التي سرعان ما امتدت المسافة بين رأسها و قدميها..
سترغبُ في أن تطير، أن تترك عشيِّ يوماً ما و لن يبقى لي سوى أمل صغير أن تعود لتحكي
لي كيف هي الحياة من دوني..