26 Sept 2019

المرأة ليست عدوّة المرأة، ولكن



لا، لا أظن أن المرأة عدوّة المرأة، وأشاهد ارتفاع نسبة مناهضة المرأة للمرأة مؤخراً، وارتفاع وعي المرأة بسبب انتشار الفكر النسوي.

لكن، تعالي لننظر كيف يتم تربية الفتاة في المجتمع الكويتي. منذ سن صغير جداً يتم اقناع الفتاة الصغيرة بالتالي:

"اللي تمسع الكلام خوش بنت واللي ما تسمع كلام أمها وأبوها شيطانة وموزينة وما نحبها"

"صيري مطيعة وخوش بنية وسمعي الكلام ولاّ بتنطقين (سوف يتم ضربكِ)"

"سكتي لا يسمعج أبوج/أخوج و يذبحج"

"اللي ما تسمع كلام أمها وأبوها تروح النار"

"المحترمة اللي يبيها الرجل زوجة هي المتغطية المتحجبة، أما المتحررة هاذي وسخة ورخيصة والرجال يلعبون فيها ويضحكون عليها ويقطونها بعد ما يخلصون منها"

"يا حلوج! ازداد جمالج بالحجاب"

"الله تهبل عليج العباية ما شا لله"

"اللي تفصخ الحجاب قليلة أدب وغير محترمة والكل ينظر لها على أنها ساقطة"

"ليش طلقها؟ أكيد مو زينة، الرجل لا يمكن يطلق زوجتة إلا لأنها سيئة"

عندما يتم أدلجة الفتاة أن الطاعة والرضوخ والسكوت هو ما يجعلها تنال رضى والديها والمجتمع، ويتم شيطنة من تجرؤ على الخروج عن العادات والتقاليد، فمن الطبيعي أن المرأة الراضخة ستنظر للمتمردة أنها عدوّة لها، وأنها سيئة، ومنحطة، وستكرهها.

كما أن الراضخة ترى في المتمردة ذاتها التي هي في كل يوم تدوس عليها وتمنعها من الظهور، فالراضخة تجاهد يومياً وتقوم بقمع رغبتها بالحرية في اللباس، والخروج، والتحرر من قيود الأسرة، والزوج، والمجتمع، وهذا المجهود يأخذ منها الكثير، لذا عندما ترى امرأة تتمتع بهذه الحريات ولا تبالي بما يُقال عنها، حتماً ستكرهها وتُحقّرها كما تم تعليمها منذ الصغر من قبل الأم، والأب، ودروس الدين في المدرسة.

لا أستغرب إذاً عندما يُذاع خبر قتل امرأة على يد أخوها أو أبوها أو زوجها. أوّل سؤال تطرحه النساء: "ليش ذبحها؟ شمسوية؟"

لأنه تم برمجة عقل الفتاة منذ الصغر أن "الشيطانة" تستحق الضرب والقتل. بل أنه من الطبيعي ضرب المرأة وقتلها إن هي خرجت عن الحدود المرسومة لها من قِبل الذكر.

ولا أستغرب عندما نطرح موضوع تحرّش الذكور بالنساء في الأماكن العامة، فتغضب الراضخة وتقول "الرجل لا يتحرّش إلا بغير المحتشمة، كوني محتشمة ولن يتحرّش بكِ الرجل"

لأنه تم أدلجتها منذ الصغر على أن الذكر لا يتحرّش بالمحتشمة، بينما هي ترى يومياً تحرّشه بالمحجبة والتي تلبس العباءة والنقاب، وبالطفل والطفلة، والذكر، والحيوان، وبالرغم أنها تعي تماماً أن الاحتشام لا يحميها من التحرّش، لكن ما تم برمجتها عليه أعمق بكثير.

 يصعب عليها مواجهة الواقع، فهي ضحت بالكثير لكي تظهر بهذا المظهر، مظهر المطيعة المحتشمة المحترمة التي تفعل ما يرضي أهلها والمجتمع، ويُفترض الآن بعد أن قدمت كل هذه التضحيات أن تكون مرغوبة كزوجة من قبل كل الذكور كما تم تلقينها، فكيف تواجه الواقع أنها ليست "مميزة" بسبب رضوخها واحتشامها، وبأن فرصها بالزواج مساوية للنساء الأخريات الغير راضخات. وأن الزواج الذي كان كل من حولها يحثها للحصول عليه، والفوز فيه، ما هو إلاّ كذبة اجتماعية أخرى! فالزواج ليس هو الحلم الوردي الجميل الذي يُصر المجتمع على المرأة أن تحققه، هو مجرّد علاقة بشرية مليئة بالمسؤوليات والمشاكل. والأسوأ، هو عندما يتزوجها الرجل باعتبارها صامتة وراضخة، ثم يجري هو خلف المتمردات!

 صعب جداُ أن تقتنع المرأة الراضخة أن كل ما تكبدته وتستمر بتكبده من مجهود أخلاقي لا قيمة له، لذلك تقوم بصب غضبها على تلك التي تجرأت على فعل ما لم تتجرأ هي على فعله.