22 Dec 2017

أنت الوحيد الذي يعرف




قد تكون مشرداً، بالرغم أن لك بيتاً
ووحيداً، وأنت محاطاً بالوجوه والأجساد
قد تكون بلا وطن، رغمَ الأوراق والثبوتياّت
قد تكون صامتاً ساكناً، والكلمات تتزاحم في داخلك، تبعثرك
أنت الوحيد الذي يعرف، لماذا يطلع القمر ناقصاً، بالرغم أنه قد سبق له الاكتمال
أنت الذي تتحاشى صخب النهار وضجيجه، وتأمن لِسكون الظلام وأنينه
تقول أنك لا تعرف لِمَ لا تستطيع الرد على هاتفك الذي يرن.. يرن.. يرن
بالرغم أنهم يبعثون الرسائل: كيف أنت؟ أين أنت؟ لِمَ لا ترد؟
وبمرور الوقت.. تتلاشى الرسائل تدريجياً، وتتبدل لغتها شيئاً فشيئاً، من حميمية إلى ودّية، إلى لامبالية، إلى معاتبة، إلى ساخرة، إلى غاضبة، إلى "لقد خذلتني"، وأخيراً "الوداع"

أنت الوحيد الذي يعرف لماذا لا تستطيع البقاء
لا تملك تفسيراً، لماذا حبهم لك يزعجك، أو كيف أن حبهم لك يزيدهم سمنة، ويزيدك هزال
لن تبوح لهم، أنك لا تستطيع أن تشكرهم، فحبهم لك، ليس إلاّ فوز آخر لهم، وخسارة جديدة لك
أنت الوحيد الذي يعرف أنهم ما أحبوك، إلاّ بحثاً عن سبباً ليحبوا أنفسهم، وأنهم عندما أشاروا لِجمال عينيك، كانوا ينظرون لانعكاس صورهم فيها
أنهم عندما أصرّوا إنهم بحاجة إليك، كانوا يقصدون أنهم بأمس الحاجة لأن تحتاج إليهم
أنت الوحيد الذي يعرف كيف تحملهم بداخلك، كالعصافير المغفلة التي تدخل الأقفاص بإرادتها
أنت الوحيد الذي يعرف شعور الطير الذي يصطدم بالنوافذ، ظناً منه، أنها امتداد للسماء