12 Feb 2012

زيارتي لمصراته ليبيا - ورشة عمل لتشجيع طلبة مدارس مصراته على كتابة و أداء الشعر و الخواطر تعبيرا عن ثورة 17 فبراير - الجزء 1



بدايةً, ذهلت من مدى طيبة الشعب الليبي, شعب في غاية الكرم, الأخلاق و الإحترام, عندما وصلت مطار طرابلس أمس قال لي موظف الجوازات: "من الكويت؟" و في صوته تعجب و ذهول, قلت: "نعم من الكويت", قال لي: "أهلا و مرحبا بكِ في وطنكِ". المأساة بدأت بعد ذلك بقليل عندما توجهت لأخذ حقيبتي و قد وقفت هناك حوالي ساعة إلى أن اتضح لي بأن الحقيبة قد ضاعت في الترانزيت (قد هبطت ساعة ترانزيت في مطار القاهرة قبل السفر لطرابلس ليبيا). حقيبتي طبعا فيها كل أشيائي: الكاميرا و شاحن "الابتوب" و الملابس إلخ.. و عند وصولي لطرابلس نقلوني ممثلي المجلس الثقافي البريطاني إالى "مصراته" حيث تقام ورشة العمل في إحدى المدارس, إلا أن شبكة الإنترنت للهواتف المحمولة معدومة, فلم أستطع الوصول للإنترنت عبر هاتفي و لا "الابتوب" الذي كان شاحِنه في حقيبتي الضائعة, ولم أستطع لضيق الوقت أن أبحث عن شاحن "الابتوب" في المحلات التي عددها هنا محدود جدا و بضائعها محدودة جدا. لكن و لله الحمد إستطعت اليوم (لم يجدوا حقيبتي حتى الآن) أن أشتري كاميرا و شاحن ل الابتوب, و ها أنا ذا أكتب لكم.
درجة الدمار التي تعرضت لها "مصراته" رهيبة, لم أمر على بيت واحد و لم أجده متهالكاً من شدة القصف بالصواريخ و الأسلحة, لم أمر بجدار واحد و لم أجده مخروما من كل الجهات بحفر الرصاص, و المساجد قد هدمت على رؤوس مصليها, و البنايات قد أحرقت و دمرت بالكامل. من حديثي مع أهل "مصراته" حكوا لي كيف أنه ليس هناك أسرة واحدة لم تتضرر و لم تخسر إبنا واحدا (إن لم يكن أكثر) في الثورة, ومن لم يخسر روحه فقد خسر عينا أو رجلا أو ذراعا. إلى جانب أن القذافي (أو كما يسمونه في مصراته "الجرذ" و أحيانا "القرد" و في بعض الأحيان "ابن اليهودية") قد وصل إلى حد من اليأس للوصول و الهيمنه على "مصراته" فلما رأى بأن السلاح لم يفتك بأهل و شباب "مصراته" أمر جيوشه بدخول المنازل و هتك الأعراض. عاش أهل مصراته في حصار خانق فلمدة 4 أشهر (منهم شهر رمضان) قطع فيها عنهم الماء و الكهرباء و الأكل حتى أن أهل مصراته وصل فيهم الجوع و الحرمان أن بدؤوا يأكلون من أعلاف الحيوانات, أو تغميس الخبز الجاف في الماء. ومع كل هذه المآسي و الآلام فالكل مبتسم, متفائل, وقد رحبوا بي خير ترحيب و أكرموني, و على الرغم بأنني أعلم أنهم لا يملكون الكثير إلا أنني لم ألقي السلام على أحدهم سواء كان مسؤؤلا أو عاملا بسيطاً  وعلم أنني من الكويت (بسبب اللهجة) إلا و دعوني و أصروا على ضيافتي في بيوتهم على وجبة الغداء أو العشاء و تعهدوا بإعداد وليمة.
الطلبة و الطالبات الذين عملت معهم اليوم في ورشة العمل (و سأظل أعمل معهم حتى الأربعاء) في غاية الروعة, في قمة النشاط و الذكاء و لديهم رغبة جامحة في العلم و الإستفادة و تعجبت من موهبتهم في الكتابة و التعبير, و قد فتحوا قلوبهم و تكلموا عن ما في خواطرهم ووصفوا لي حياتهم في ليبيا قبل الثورة, بأنهم كانوا مهمشين, مضطهدين, لا كرامة و لا عزة و لا فخر لهم, حتى أنهم كانوا يخجلون من أن يقولوا: "أنا من ليبيا, أو أنا ليبي \ ليبية" , قالوا بأنهم لم يجرؤا في السابق على أن يحلموا و يخططوا للمستقبل, لأن أحلامهم و آمالهم لا معنى لها و لا قيمة لها. و لكنهم اليوم يفخرون بأنفسهم, بوطنهم, و يرددون دائماً أنهم ليبيين, و يحلمون و يأملون كما يشاؤؤن, أصواتهم و هم يتحدثون معي مملوءة بالأمل, مرصعة بالتفاؤل و العزة و الفخر, مكلله بكلمة "نستطيع" و كلمة  "نقدر" و كلمة "سنفعل" , بعد أن كانت عباراتهم في السابق ملطخة ب "لا نستطيع, و لن يسمحوا لنا أن نفعل, و لا نقدر".
بدأنا (أنا و الطلبة) اليوم بالكتابة و قريبا انشاءالله سأشاركم بعض ما كتبوا و عبروا عنه في الورشة.

كلمات ليبية تعلمتها:
باهي: يعني "كويس" أو "تمام" و أحيانا "أليس كذلك".
الحوش: أي البيت. وقد قالوا لي كثيرا : "تفضلي عندنا بالحوش" , فاستغربت!! "ليش يعني يعزموني على حوشهم!؟"

بعض الصور للرحلة موجودة على حسابي في تويتر و فيس بوك.