منذ أن أنهيت دراستي وعدت إلى الكويت بدأت البحث عن سكن لي ولإبنتي جوري، و طبعا لأنه ليس هناك غيري أنا وجوري بحثت عن شقة - مثل ما نقول بالكويتي "ملمومة"، صغيرة وفي مكان هادئ لا يوجد فيه صخب، وفي بناية فيها حراسة ودرجة كافية من الأمان. أعجبتني بعض البنايات القريبة من البحر، أولاً لأن نظام الشقق هناك جميل وراقي وعصري وثانيا لأنني كنت دائما أحلم بأن أعيش قرب البحر، لكني فوجئت ودُهشت من ردود أفعال بعض أصحاب البنايات إتجاهي كوني "مطلقة" فكلما شرحت وضعي الإجتماعي بأني مطلقة وكأني قلت كلمة مُهينة أو كلمة شتم أو سب!
فيرد علي البعض بصورة قطعية من دون أي نقاش : "لأ لازم عقد زواج" ويدير ظهره لي ليحاول بقدر الإمكان أن لا تلقى عيناه عيناي! والبعض الآخر(ممن يعتقد أن لديه حق النصح) يقول "أُسكني في بيت أهلكِ أفضل!" ويدير ظهره كذلك حتى لا ينظر إلي!!
أنا في نهاية المطاف "جامعة الكويت" تعطيني سكن في الجامعة بمقابل رمزي، لكن مستوى سكن الجامعة رديء، كما أنه بعيد جداً عن كل المدارس، بمعنى أنني يجب أن أخرج من منطقة الشويخ باكراً كل صباح، لتوصيل ابنتي إلى مدرسة بعيدة، ثم أعود مرة أخرى للشويخ لتدريس محاضراتي، وبسبب الإزدحام الشديد في منطقة الشويخ، هذا الأمر سيؤدي إلى تصعيب المور بالنسبة لي، خصوصاً فترة الظهر عندما أخرج من الشويخ لأخذ ابنتي من المدرسة، والعودة مرة أخرى للسكن الجامعي في الشويخ.
ما أكتبه هنا عن تجربتي كامرأة مطلقة تبحث عن سكن ليس بهدف الحصول على العطف أو الشفقة، فالحمدلله لدي كل ما احتاجه (الصحة والعافية وإبنة رائعة). لكن ما أردته هنا هو التفهم، فإلى متى يا ترى المطلقة الكويتيية شخص منبوذ ومكروه، إلى متى هي إمرأة مشكوك فيها وبأخلاقياتها؟
ما أكتبه هنا عن تجربتي كامرأة مطلقة تبحث عن سكن ليس بهدف الحصول على العطف أو الشفقة، فالحمدلله لدي كل ما احتاجه (الصحة والعافية وإبنة رائعة). لكن ما أردته هنا هو التفهم، فإلى متى يا ترى المطلقة الكويتيية شخص منبوذ ومكروه، إلى متى هي إمرأة مشكوك فيها وبأخلاقياتها؟
لننظر معاً بشفافية ومن دون نفاق، كم من المتزوجين (رجالاً ونساءاً) ممن لم يحصنهم الزواج ولم يزيد من عفتهم؟ وأنا لا أقول ذلك ذماً فيهم لأنني متأكدة أن هناك سبب جامح يرغم الإنسان أحياناً على الخيانة، فقد لا يجد أحد الطرفين الراحة مع الآخر أو هناك عدم إشباع لحاجات نفسية وغيرها من أسباب.. أنا لا أبرر الخيانه ولكنني كذلك لا أنظر نظرة دونية لمن أخطأ فيها. لأنه في النهاية أخطأ، وبالتالي لماذا نفضّل المتزوجون ونعاملهم معاملة أفضل ونثق فيهم؟ ليس لسبب آخر غير أن الزواج مظهر خارجي للعفة، لباس يوضع ويُخلع بسهولة، فهذه الورقة (عقد الزواج) هي ورقة فقط ولا تغير ولا تؤثر في أخلاقيات الشخص الموقع أدناه.
لا يجوز (في نظري) بأي حال من الأحوال أن نساوي بين ظروف الجميع وننصح من لا نعرف عنهم شيئاً بقول: "أسكني في بيت أهلكِ"، فهل تعرف ما هي ظروف بيت الأهل؟ هل فكرت أنه لا يتسع مثلاً، أوغير مناسب، أو أن أهل المرأة المطلقة ذاتهم لا يرغبون بها؟ كذلك من الضروري أن يكون للمرأة (الأم) الحق بتربية أبناءها بالصورة التي تراها أصلح وطريقتها قد تختلف كل الإختلاف عن طريقة الحياة المتعارف عليها في بيت الأهل.
إنه من المؤسف جداً أن يُنظر للمرأة المطلقة نظرة دونية وكأن وجودها يهدد راحة و أمن سكان بيت أوعمارة!
يجب (برأيي) أن نضع بعين الإعتبار أمر مهم وجوهري وهو أنه لا يوجد امرأة في الكون تريد أو تطمح للطلاق، لكنها لجأت إليه كحل أخير، بعد تحمّل معاناة كثيرة، وآلام كثيرة، وتنازلات كثيرة، وفي الكثير من الأحيان نجد في الطلاق رحمة للمرأة وأطفالها، فلماذا تُعاقب المرأة مرتان: المرة الأولى برجل سيء، ثم وبعد عناء ومشقة لتنزع نفسها منه، يعاقبها المجتمع مرة ثانية بأن ينظر لها نظرة دونيّة ويتعمّد تحقيرها؟
هناك الكثير ممن يتغنون بحب واحترام
المرأة، إن كنت تحب المرأة وتحترمها فعلاً، فلا قيمة للقول ولكن القيمة الحقيقية لهذا
الحب والاحترام هو الفعل، الفعل هنا هو تغيير التفكير، حب المرأة واحترامها هو أن نفهم بأنه لا فرق بين امرأة وأخرى لمجرد أن حظ إحداهن كان أوفر بمن تزوجت