في كل مرّة تُقتل امرأة في العالم العربي
القذر على يد أباها، أخاها، أو زوجها، شيءٌ في أنفس النساء العربيات الأحياء يموت
أيضاً.
ردود أفعال النسويات العربيات السريع والعنيف
في "السوشال ميديا" بالتشهير بأسماء المجرمين القَتَلة مُشرِّف، ونشر صور
الضحية حتى لا تُنسى مهم (بالرغم أن هناك الكثير من القتيلات المجهولات في الخليج).
كل واحدة منّا، وعندما أقول كل واحدة منّا،
أقصد نحن اللاتي لم نُقتل بعد، تنظر حولها بشيء من الذهول والغربة، صحراء قاحلة جافّة
بيننا وبين الذكور الذين خُيِّل إلينا أنهم أمانٌ لنا في طفولتنا، إلى أن كبرنا
وعرفنا الحقيقة المُرّة.
كيف؟ كل واحدة منّا تسأل ذاتها في سرّية.
كيف؟ تتكرر صداها في صدورنا وعقولنا الغير قادرة
على التصديق. فالسؤال ساذج حتى البكاء، لكنه مخيف حتى البكاء أيضاً.
كيف لهذا الأخ الذي ساعدته في أداء واجباته
المدرسيّة، أو ساعدت أمي في تغيير حفاظاته عندما كان طفلاً؟ كيف لهذا الأخ الذي
يكبرني سناً لكن توصيني أمي أن أعد له طعامه عندما تكون هي خارجة، لأن الذكر
العربي قادر على قتل أخته لكنه غير قادر على إعداد "سندويتشة"؟
كيف لهذا الأب الذي كان يسألني "كيف
كانت المدرسة اليوم؟"، أو أحياناً، نادراً يقول أسمي متبوعاً بكلمة
"بابا" كنوع من العطف؟
كيف لهذا الزوج الذي شاركته الفراش ومنحته
أبناء؟
كيف؟
الذكر العربي "مدّعي النسوية" قد يُعبر
عن غضبه ورفضه لجرائم الشرف عبر "تويتر" أحياناً كنوع من "المشاركة"
لكنه لن يفهم أبداً حجم الألم. لن يفهم أبداً صمتنا نحن اللاتي لم نُقتل بعد، لن
يفهم ابتعاد أروحنا عنه، ورغبتنا الشديدة بقطع علاقتنا به، لأنه من الصعب جداً، من
المؤلم جداً أن أنظر في عينيك، أن أحبك، أن أحترمك وأنا أعلم أن مجرّد اختلافي معك
بالرأي، مجرّد رغبتي في ممارسة حريّتي، مجرّد محاولتي للعيش خارج الإطار الضيّق الذي
رسمته لي، ستكون نهايتي.
ما هو عزاؤنا؟
أشعر بكل امرأة ارتعد قلبها، وجفّ، وتراجع
عمّن حولها من الذكور من شدّة الحزن، غير قادرة على استيعاب حجم الألم والخذلان
والخيبة.