3 May 2019

أقصاها امرأة


  

ضابط أمن كويتي ينتمي لقبيلة بدوية قتل صحفية كويتية لأنها كتبت في مقالة أن بنات القبيلة التي ينتمي لها المُجرم يحسنون الرقص. قتلها عمداً بستة طلقات في الشارع وفي وضح النهار أمام الناس دفاعاً عن شرف قبيلته.

وفقاً للقانون الكويتي الجنائي كان يجب أن يُعدم القاتل،

وفقاً للشريعة ومفهوم القصاص (النفس بالنّفس) كان يجب أن يُعدم، 

ووفقاً للأعراف القبلية البدوية (الثأر) كان يجب أن يُقتل

لكنه سُجِن ولم يُعدم، لماذا؟

لأن حياة المرأة في الكويت رخيصة

ولأن القضاء الكويتي فاسد يسمح بالمحسوبيات، والوساطات، والتدخلات العشائرية، والقبلية ويتأثر بها ويتبناها في قراراته، ولأنه قضاء غير حُر وتحت سلطة وسيطرة الحاكم وأهواءه. ولأن المجتمع الكويتي ذكوري أبوي يسترخص حياة المرأة مقارنة بحياة الرجل. تم سجن المجرم بدلاً من إعدامه بالرغم من كونه ضابط أمن، وقد قتل المجني عليها بالسلاح الحكومي الذي رَخّصَت له الحكومة حمله حمايةً للأبرياء وليس لِقتلهم، هذه العوامل من شأنها تغليظ العقوبة وليس تخفيفها.

الحكم الذي صدر على المجرم هو السجن المؤبد، لكنه سيخرج الآن بعد 19 سنة من الحبس بعد أن شنّت قبيلته حملة لجمع "الديّة" بمقدار عشرة ملايين دينار، و"الديّة" في الأصل هي المبلغ الذي يجوز لأهل المقتول قبوله من أهل القاتل إذا كان القتل خطأ، أما القتل العمد فالأصل أن يُواجَه بالقصاص وليس الديّة

قتل النساء بدافع الشرف أصبح أمر شبه عادي في الكويت بعد أن قُتلت خمسة نساء كويتيات على يد أباءهن، أزواجهن وأشقاءهن في 2018 من دون أي استنكار من قِبل المجتمع، أو الحكومة، أو تغليظ العقوبات من قِبل البرلمان الكويتي الفاشل.

فالمرأة في الكويت هي "الآخر"، الجنس الآخر، الجنس الأدنى، وعندما يتم تحويل أي كائن حي إلى "الآخر" يصبح من العادي ومن الطبيعي تعنيفه، و "تشييئه"، و حرمانه من حقوقه و حرياته، و ازهاق روحه.

المرأة في الكويت هي "الآخر"، والوافد الأجنبي في الكويت هو "الآخر"، والحيوان في الكويت هو "الآخر"

 ففي 2012 تم جمع الدية لشاب ينتمي لقبيلة بدوية بعد أن قتل طبيب وافد عمداً في أحد المجمعات التجارية. بسبب خلاف دار بينها على موقف سيارة.

أما الحيوان فيتم دهسه في شوارع الكويت وتعذيبه بشكل عادي ومستمر من دون استنكار أو استهجان.


أتخيّل الذكور في "الدواوين" أثناء تبرّعهم للإفراج عن المجرم القاتل يرددون "أقصاها امرأة" ويخرجون رزمة الدنانير من جيوبهم،  

أتخيّل كل من رقص واحتفل بخروج المجرم القاتل، حالياً يفكر بشيء من النشوة أي امرأة سيقتل يا ترى؟ أخته؟ زوجته؟ ابنته؟ أمه؟ احدى عشيقاته؟ أو امرأة أجنبية عنه تماماً تفوّهّت برأي لم يعجبه؟ فيصبح مشهوراً وبطلاً لدى قبيلته، ويتحدث عنه الناس في مواقع التواصل الاجتماعي، وينادون بالإفراج عنه، ويطالبون بجمع ديّته، فيشعر أنه ذو أهميّة وذو شأن، و يرقصون ويحتفلون بخروجه من السجن،

أتخيّل أهل المقتولة الذين سيتقاسمون العشرة ملايين دينار ويستمتعون فيها، ماذا سيشترون بقيمة فقيدتهم؟ يختًا؟ أرضاً؟ قصراً؟ فالمرأة في الكويت ليست إلاّ شيئاً.