متى؟
متى حَدَثَ ذلك؟
متى صِرتَ تتقبّل الموت أنهُ النهاية؟
متى صارت السعادة ثمرة خضراء (يابسة) في أعلى
الشجرة، تظنُّ أنك لن تَصِلها، تظنُّ أنها لن تنضج وتسقط بين يَديكَ، وبأنك لن
تقوى حتى على هزِّ الشجرة؟
متى صِرتَ أنتَ من يمشي أميال وأميال إليهم حتى
تَتَجَرّح قدميك؟ وهُم! لن يخطوا خطوةً واحدةً
باتجاهك؟
متى غلّفتكَ الحياة بِخمارِ اليأس؟ متى طَوَتْكَ
ضحكاتها الساخرة الوقِحَة على عَثراتِك حتى أنكَ لم تعد ترى جمالك ولا سِحرُك ولا أحلامك؟
أحلامك! تِلكَ النجمات التي طالما تلألأتْ في عينيكَ.
من أطفأ جَمرَةَ شَغَفك التي تُشعِلُك في كل
نهار؟ تَدفَعُكَ للأمام، تُحيطُك بهالةٍ من الروعة، كلُّ من يراك يقفُ برهة
يَستمِدُّ مِنكَ شيئاً يُشبهُ القوة، يُشبِهُ الإيجابية، يُشبِهُ الطاقة، يُشبِهُ
الحُبْ.
متى تَعِبَتْ هذه الشِّفاه من ترديد: "يوماً
ما.. يوماً ما.." ؟
من سَرَقَ رَغبَتُكَ التي لا تَمَلْ ولا تَكَلْ
ولا تَشبَعْ؟ تُريدُكَ أن تَمتَطيها، تُريدُ أن تُحَلِّق بِك للأعلى، حيثُ لا سقف ولا سماء.
من أَراكَ قاعَ قَلبك؟ الذي أقسمتَ يوماً أن
عُمقهُ يَمتَدْ و يَمتَدْ ولا يَجِفُّ أبداً
من أَقنَعَك أنّ الفجر ليسَ إلاّ نهاراً آخر؟ ليسَ إلاّ بداية لساعاتٍ شاقة من التَّعبِ والتحمُّل؟
من عَبَثَ بِنورِ شَمسُك التي كانت إذا أَدارتْ ظَهرَها، أَنارَتْ قارةَ أُخرى وأَنابَتْ القَمَر مَكانَها؟
عُد
عُد
عُد
اُخرج من الكائِن المَلول، المُتعب، المُتقهقِر،
المُحتَرِق الذي استَحوَذَ على اسمُكَ و روحُك
و عُد
عُد إلى قلبك، حيثُ تنتمي، حيثُ تأتيكَ الأشياء كُلها راكعةً بالمحبة.