23 May 2021

قتل النساء في الكويت

  

يمكن الإستماع لهذه المقالة هنا

https://www.youtube.com/watch?v=A-Ib5O10YZg&t=44s

في العالم العربي المسلم الأب يقتل ابنته، الأخ يقتل أخته، الزوج يقتل زوجته، والذكر الذي يطارد امرأة اعجب بها قد يقتلها أيضاً إن لم تتجاوب معه

في يوم 20 ابريل 2021 قام المجرم الكويتي القذر فهد صبحي بقتل امرأة كويتية اسمها فرح حمزة أكبر، فرح امرأة متزوجة وأم، ولديها طفلتان احداهما في الثانية عشرة من العمر والأخرى في الخامسة من العمر

المجرم فهد صبحي رأى فرح في أحد المنتزهات قبل سنة وبدأ بمضايقتها ومطاردتها والتحرّش بها، تم التصدي له من قبل أهل فرح وقالوا له بالتوقف عن مضايقتها فهي متزوجة ولديها أطفال، لكن المجرم استمر بمطاردة فرح، قامت دانة أكبر، اخت فرح، وهي محامية، بتقديم شكوى على المجرم أكثر من مرّة حيث أكدت للمخفر والنيابة أن المجرم يستمر بمضايقتهم وفي أكثر من مرّة حاول خطف فرح وتهديدها بالقتل، لم يقوم وكيل النيابة بدوره وأخلى سبيل المجرم، فاستمر المجرم بتهديد فرح وأختها دانة بالقتل، حتى تمكن من جريمته وقتل فرح.

ذهبت إلى تويتر لأرى ماذا كُتِب عن الموضع، رأيت الكثير من الإشاعات، والاستهانة، والاستخفاف

عندما رأيت فيديو لأم المقتولة وهي تبكي بقرب قبر ابنتها، كانت كل ردود الذكور: "لا يجوز للنساء الذهاب للمقابر"، أما تعليقات الذكور على الوقفة الاحتجاجية التي قامت بها النساء في "ساحة الإرادة" بالمطالبة بالعدالة والقصاص ضد المجرم، فكانت تعليقات الذكور تذم النساء: "ألا يستحين هؤلاء النساء بالخروج هكذا في نهار رمضان، وبعضهن لباسهن غير محتشم"

أما عن وقفة النساء أمام المحكمة في أوّل يوم لمحاكمة المجرم فهد صبحي فلم يكن بينهم ولا رجل، غير خال المقتولة فرح، لا أدري لماذا لم يكن هناك أي دور أو ردة فعل لزوج المقتول. في أول جلسة لمحاكمة المجرم فهد صبحي قال المجرم بكل ثقة وجرأة ووقاحة أنه لازال على رأس عمله في الاستخبارات الكويتية وأنه يدرس علم نفس في جامعة الكويت.

لم يتحدث أي ذكر عن انعدام المروءة بين الذكور في الكويت، أو عن سوء تربية الذكر الكويتي، أو عن أهمية إيجاد وسيلة لإعادة تأهيل الذكر الكويتي المتوحش، الذي صرنا في كل يوم نسمع أنه قتل امرأة من أهله أو فتاة أعجب بها في الشارع فدهسها لأنها لم تتجاوب معه، أو استمر بمطاردتها بالسيارة حتى انقلبت سيارتها وماتت، وهرب هو وعاد لبيت أهله، وأكل وجبة الغداء التي أعدتها له امه وذهب لفراشه ونام، وتُسجّل الجريمة ضد مجهول وكأن شيئاً لم يحصل، بينما هناك فتاة فقدت حياتها. لا نسمع أي ذكر كويتي يقول أن هناك أهمية لإعادة تعريف الذكورة والرجولة، هناك أهمية لتوعية الذكر وتثقيفه لا في الدين فالدين لم يؤدي إلاّ للمزيد من التطرّف والكراهية والعنف، لكن في الأخلاق و حسن التعامل.

الذكر الكويتي شاطر فقط في انتقاد لباس المرأة وتحميل المرأة مسؤولية خسته وعنفه وتحرّشه، فيقول "هي التي جعلتني أضربها " و "هي التي جعلتني أعنفها"، و "هي التي أجبرتني على الإساءة لها" و "لو كانت محتشمة لما تحرّشتُ بها"، طبعاً في الدول المتحضرة هذا التصرف المتمثل في تعنيف الضحية وتحميل الضحية مسؤولية التعنيف يعد مرض نفسي يجب  معالجته، يدعى هذا المرض في اللغة الإنجليزيةGaslighting  لكن في العالم العربي المسلم يتم تبرير خسّة الذكر فيقال "هو رجل لا يستطيع التحكم بنفسه، أنت كوني مطيعة و صامتة حتى لا يعنفكِ"

الذكر الكويتي شاطر فقط في ترديد "ليس كل الرجال"

يقول الذكر: "ما شأني أنا إذا كان بعض الذكور سيؤون؟ لماذا يتم تلقيب كل الرجال بالسوء بسبب أعمال البعض!" غربية! في مجالسكم، ودواوينكم، ومقاهيكم، وجلساتكم التي لا يعمها سوى الكلام الفارغ، والكذب، والنفاق، والنميمة، تتهمون كل النساء بالغباء والتفاهة والثرثرة، تقولون كل النساء نكديات، تقولون كل النساء متشابهات، فلماذا تعميمنا يجرح مشاعركم الرقيقة؟

ليس كل الرجال!؟ قتل النساء الأبرياء لا يهزّك، لكن تعميمنا أن كل الذكور يعنفون المرأة هذا فقط يهمك ويجرح مشاعرك؟

لا ليس كل الرجال، لكن عدد كبير من الرجال لا يتأخرون عن الضرب، والتعنيف، والتحقير، والقتل، عدد كبير جداً منكم لا يملك شرف لا مروءة، ولا احترام لأمان وسلامة المرأة، لدرجة أننا صرنا نخشى كل الرجال. عندما نخرج من بيوتنا يجب علينا أن نخاف كل الرجال لكي نعيش فقط، لكن قاتلينا ليسوا بالشارع فقط، يجب على المرأة العربية المسلمة أن تخشى والدها، وأخوها، وابنها، وزوجها من كثرة جرائمكم، وعنفكم، وخسّتكم.

لو لم يكمن أغلبكم وحوش لما احتجنا أن نقول كل الرجال، وسنستمر بقول كل الرجال حتى أحدكم يشعر بشيء من الرجولة  فيتوقف عن لوم المرأة، ويبدأ بمخاطبة الذكور بصراحة ومن دون نفاق و يقول يجب علينا أن نكون رجالاً ونوقف ما يحصل من تعنيف واضطهاد وقمع ضد المرأة، لأن ما يحصل غير طبيعي، ومخيف، ومحزن، ومقزز، ولا يتلاءم مع ما ندعيه من دين و أخلاق و رجولة و شهامة.

وكأنني أسمع الآن ذكر عربي مسلم يرد على ما أقوله بذات الحجة الخائبة: "العنف ضد المرأة يحصل كثيراً في الغرب فلماذا تقسين على الذكر العربي المسلم"، نعم، العنف يحصل في الغرب لكن لدى الغرب قوانين صارمة رادعة، لكن قل لي أيها المسلم، لماذا لم يهذبك دينك الذي تدعي أنه أفضل دين، لماذا لم يجعلك الإسلام إنسان، لماذا بالرغم من ادعاءك أن الإسلام دين رحمة، تستمر بتعنيف المرأة واضطهادها وقتلها؟ ألأن دينك فاشل؟ ألأن دينك يشجع على تعنيف المرأة وقتلها؟ أم لأن دينك فشل في تهذيبك؟ قد تكون كل هذه الأسباب معاً.

ثم يأتي بعض الذكور والنساء الماسوجينيات ويلومون المرأة التي تطالب بتعديل القوانين، وتطالب بالعدالة، وتطالب بمعاقبة الذكور المجرمين ليكونوا عبرة لغيرهم، ويقولون لها: "عدلي اسلوبك، تكلمي بلطف، لا تصرخين، لا تتحدثين بحدّة، لأنكِ إذا تحدثتِ بحدّة ستخسرين الحوار، وستضعف حجتك، ولن يسمعك أحد، ولن يُأخذ كلامكِ على محمل الجد، ولن تصلين لمبتغاكِ"

أتكلم بلطف!؟ الذكر يصرخ، ويشتم، ويضرب، ويعنف، ويحقّر، ويعذّب، ويقتل، ولا يقال له أبداً "عّدل أسلوبك، وتكلّم بلطف". لكن المرأة التي ملّت العنف والاضطهاد واللامساواة، يقال لها "عدّلي أسلوبك وتحدثي بلطف!"

تواصلت معي امرأة من تونس تقول لي عن امرأة تم سرقتها بالشارع واغتصابها وقتلها، فكان رد المجتمع التونسي "لو كانت محتشمة ومحجبة لما فعلو بها ذلك""

 قبل بضعة أيام تم اغتصاب أم وقتلها أمام أبناءها في الشارع في باكستان، وأخرى قتلت من قبل الذكر الذي رفضت الزواج منه. في فلسطين الذكر الفلسطيني الذي يتعرَض للعنف من قبل الجندي الإسرائيلي لا يكف عن قتل المرأة الفلسطينية، ماتت 30 امرأة فلسطينية على يد قريب لها في عام 2019 وحده، وفي فترة انتشار فايروس الكورونا قتلت 10 نساء فلسطينيات على يد أقرباءهن الذكور، في الأردن، في مصر، في المغرب، في الجزائر، في الخليج، جرم وعنف الذكر المسلم لا نهاية له. 4000 امرأة مسلمة سنوياً تقتل على يد قريب لها وفقاً لإحصائية الأمم المتحدة

كتبتُ قبل فترة طويلة في "مدونتي" أن المرأة الكويتية يحق لها أن تذهب للمخفر وتقدم شكوى على والدها الذي يهددها أو أخوها أو زوجها أو ابنها إذا هددوها بالقتل، لأن التهديد بالقتل جريمة يعاقب عليها القانون الجنائي الكويتي، لكنني أضحك على سذاجتي الآن، كيف تذهب المرأة للشكوى على والدها، أخاها، أو زوجها بأنهم يهددونها بالقتل ثم تعود لتبات مع هؤلاء الوحوش في نفس البيت؟ حتماً سيقتلونها بمجرد معرفتهم أنها تجرأت واشتكت عليهم بالمخفر، خصوصاً أنه ليس هناك ملجأ للمعفنات يحمي النساء في الكويت، ثم كيف للفتاة الصغيرة التي لا تقود سيارة، وتخاف الذهاب لأي مكان لوحدها تقديم شكوى على والدها أو أخوها المعنّف أو المتحرش جنسياً، خصوصاً أنه ليس هناك خط ساخن يسمح لها بالتبليغ عن معنفها. ثم ما الهدف من قيام المرأة بتقديم شكوى إذا كان المحقق الكويتي الخائب، أو وكيل النيابة الكويتي الخسيس يستخف بشكوتها و يضحك عليها أو يطردها من مكتبه، مثل ما فعل وكيل النيابة أحمد العجيري، عندما ذهبت له المحامية دانة أكبر واشتكت له عن المجرم فهد صبحي، فطردها من مكتبه، أحمد العجيري ساهم في قتل فرح عندما استهتر واستهزأ بالشكوى التي قدمتها أختها دانة.

  تحدثت كثيراً في السابق عبر تويتر عن جرائم الشرف في الكويت، وكتبت عنها في مقالات وفي كتابي (وضعت رابط لهذه الكتابات في الديسكريبشن) كان ردود الذكور دائماً التحقير، والاستخفاف، وطبعاً اتهامي بالكذب، والجنون، والعهر، وغيرها من أساليب الذكر الكويتي المسلم الشهيرة، لكن أكثر شيء استغربت منه قول الذكر الكويتي أن قتل النساء فقط يحصل في القبائل البدوية في الكويت. ويظن أنه بهذا الادعاء قد أزال التهمة عن نفسه، لكنه بادعائه فقط انتزع إنسانية المرأة البدوية، لأنه عندما يدعي أن العنف والقتل لا يحصل سوى للنساء البدويات، وكأنه يقول أن حياة المرأة البدوية لا قيمة لها أو أنها لا تعادل بأهميتها حياة النساء الأخريات، وكأنه يقول "هذا يحصل فقط في القبائل البدوية وبالتالي لا أهمية له في المجتمع ككل". وها هي فرح أكبر الضحية الجديدة لعنف الذكر الكويتي امرأة غير قبلية وليست بدوية وتنتمي للمذهب الجعفري. لكن الذكر الكويتي لن يتحدث عن عنفه وجرائمه، فهو يقف اليوم في ساحة الإرادة مع أعضاء البرلمان الكويتي الخائب يصرخون وينادون بإيقاف عنف اسرائيل وجرائم اسرائيل في فلسطين، يهزهم ما يحصل في فلسطين، لكن لا يهمهم أنهم هم أيضاً قتلة و مجرمين، لا يهمهم ما يحصل من قتل النساء في الكويت، الرسالة التي يوصلونها أن دم المرأة رخيص، أن حياة المرأة لا قيمة لها.

تعديل القوانين مهم جداً، مادة 153 من القانون الجنائي الكويتي تتعاطف مع الذكر القاتل للمرأة وتمنح عقوبات مخففة للذكر الذي يقتل ابنته، أخته، زوجته، أو أمه.

عندما كان الدكتور مارتن لوثر كينج يدافع عن حقوق الأفارقة في الولايات المتحدة، حيث كان الفرد الأفريقي يتعرّض للعبودية، والعنف، والإضطهاد، والقتل على يد الرجل الأمريكي الأبيض، قال مارتن لوثر كينج: "نعم، وضع قوانين صارمة قد لا تغير القلوب، لكنها ستردع عديمي الرحمة. نعم، صحيح القوانين لن تجعل من يريد تعنيفي وقتلي أن يحبني، لكنها ستردعه عن قتلي، لذلك سن القوانين مهم، فالقوانين لن تغيّر قلوبهم، لكنها ستغيّر عاداتهم، ومع الزمن وبسن القوانين الصارمة، ستتغير عاداتهم وقلوبهم، لذلك يجب وضع القوانين التي تردع الظلم والقتل والبطش".

وأنا أقول كما قال الدكتور مارتن لوثر كينج: نعم وضع قوانين رادعة لن تغيّر قلوب الذكور، لكنها ستردع عديمي الإنسانية، عديمي القلب، القوانين الصارمة لن تجعل الذكر يحب أو يحترم المرأة لكنها ستردعه عن قتل المرأة، لهذا السبب سن القوانين مهم، فالقانون لن يغيّر قلب الذكر الكويتي، لكنها ستغيّر عاداته، ومع مرور الزمن ستتغير العادات ومعها ستتغيّر القلوب، لذلك من المهم جداً وضع عقوبات رادعة، وتعديل القوانين، وحذف القوانين التي تتعاطف مع القاتل

ولكل فرد يقول "أنا لا دخل لي"، أقول لك ما قاله المدافع عن حقوق الإنسان في جنوب أفريقيا القسيس "ديسموند توتو: "عندما ترى الظلم وتختار الحياد، فقد اخترت أن تقف مع الظالم"


 https://fatimaalmatar.com/book/ هذا رابط لمقالاتي النسوية في "مجنونة، مريضة، معقدة" لمن ترغب في قراءتها

هذا رابط لبحث نشرته باللغة الإنجليزية عن كل القوانين الكويتية الظالمة للمرأة وحقوقها، والعادات والتقاليد الاجتماعية التي تبخس 

حق المرأة الكويتية وتعرّض حياتها للخطر، لمن ترغب بالمعلومات من أجل بحث أو غيره، سأترجم البحث أيضاً للعربية وأنشره

http://www.imjst.org/wp-content/uploads/2019/09/IMJSTP29120182.pdf

وهذان رابطان لمقالتان من مدونتي، الأولى بعنوان "أذبحج وأدش فيج مركزي" والثانية بعنوان "في كل مرّة تقتل امرأة

http://fatimaalmatar.blogspot.com/2019/09/blog-post.html

http://fatimaalmatar.blogspot.com/2019/08/blog-post.html