30 Jul 2019

يريد الذكر الكويتي أن يتزوج أمه



كتبتُ "تغريدة" قبل يومين مفادها اتكالية الذكور في المجتمعات الخليجية
لم أتوقع 3.638 إعادة تغريد و 7.833 إعجاب للتغريدة


الردود والتأكيد الذي حصلت عليه التغريدة خصوصاً من قِبل النساء يثبت أن المرأة الخليجية تغيّرت. 
الكثير من الفتيات اليوم صرنَ يرفضن فكرة الزواج تماماً إن لم يجدنَ الرجل المناسب لهن. فكرة التوافق الفكري والنفسي أصبحت أولوية لهن، لا يرغبن بالزواج التقليدي، لا يشترطن الحب أو علاقة غرامية رومانسية قبل الزواج لكن يشترطن نوعاً من المعرفة، صداقة يستطعن من خلالها معرفة ماهيّة هذا الشاب وفكره وعقله، إن كان له فكر وعقل. يرفضن الصورة النمطية للزوجة المطيعة، الصامتة، الخاضعة، التي لا رأي لها، التي واجبها أن تكون جميلة ومتزينة لزوجها عندما يعود للبيت ليشبع حاجته الجنسية من خلالها، ثم يعود لحياته المثيرة خارج البيت. يرفض التلقين التقليدي: "لا تكثرين عليه الأسئلة وتضايقيه عندما يعود للبيت، كوني مبتسمة دائماً، لا تتعبيه بطلباتكِ، لا تلّحي عليه، لا تزعلي أو تغضبي فليس من الأنوثة أن تغضبي وستبعدين زوجكِ عنكِ إذا كنتِ كثيرة الزعل أو الغضب، ببساطة كوني دمية مبتسمة لا أكثر."
أسلوب الزواج التقليدي أو "زواج الأهل" كما يطلق عليه في الكويت، حيث تختار أم العريس عروسة لإبنها لم يعد مقبولاً. صديقتي صاحت عندما قالت لها والدتها أنها ستحدد موعداً لأم العريس لتأتي لرؤيتها "أنا لستُ سلعة، لستُ حقيبة أو حذاء أو فستان لتأتي أم العريس وترى ما إذا كنت مناسبة أم لا!"
أما أغلبية الشباب في الكويت فيرون أن هذا هو الأسلوب الأمثل للزواج، فالشاب يدّعي أنه لا يعرف كيف يختار الفتاة المناسبة له، لكن أمه تعرف! وعندما أسأل بعض الشباب: هل عندما تكون عشرينياً أو ثلاثينياً تختار أمك لك ملابسك، أو عطرك، أو سيارتك، أو أصدقاءك، أو المكان الذي ستسافر له مع أصدقائك في الصيف، أو أين ستتناولون وجبة العشاء عندما تخرجون معاً؟ لا؟ إذن كيف تختار لك من ستقضي بقيّة حياتك معها، وستنام بجانبها في ذات الفراش كل ليلة وستنجب منها أبناءك؟
يرى الشاب الكويتي أن كل الفتيات سيئات ما عدا التي ستختارها له أمه، فهي بالتأكيد بريئة ولم يكن لها أي علاقة بأي شاب، متوهماً طبعاً أن ليس لكل فتاة تجاربها العاطفية، لكنه مادام لا يعرف شيئاً عن ماضيها فهي بالنسبة له ليس لها ماضٍ. ومفهوم البراءة هنا مرتبط مباشرةً بالجهل، عندما يتكلم المجتمع عن براءة المرأة فهو يقصد الفتاة الجاهلة، وعندما يفضّل الرجل الزواج بفتاة بريئة فهو يقصد الجاهلة التي لا تعرف شيئاً، فيصبح جهل المرأة ميزة. ففي مجتمع يفضّل المرأة الجاهلة تصبح المرأة الطفلة أكثر أنوثة، أما المرأة المتعلمة، الحذقة، المثقفة، التي تقرأ، والتي تعرف حقوقها، ولديها آراؤها، ولا تحب الاعتماد على الرجل، وتعتمد على قدراتها وتستطيع العيش لوحدها فهذه عديمة الأنوثة، ومسترجلة ويكرهها الرجل ويتحاشاها.
يتم منع الفتاة من القيام بالكثير من الأشياء لمجرّد أنها أنثى، غير مسموح لها الذهاب لأماكن بعيدة حتى لو كانت تقود سيارة، غير مسموح لها أن تأخذ سيارتها للتصليح، غير مسموح لها بالسفر، ولا بالعيش لوحدها. يتم تلقينها بأنها طفلة وتحتاج من يرعاها، ويقوم بهذه الأمور بالنيابة عنها. ويوهم المجتمع المرأة الكويتية بأنها "مدللة" لذلك فهناك من يقوم بكل شيء عنها، فهي حيلة لسلب المرأة حريّتها، بأن يقنعها المجتمع الذكوري أنها ليست محرومة أو مقيّدة بل مدللة، وتصدّق المرأة هذه الكذبة، فتتنازل عن حقوقها وحرياتها.
يتم تلقين المرأة الاعتماد على الغير، لكنها أيضاً تُعاير بأنها كثيرة الاعتماد على الغير وتُلام! لكن لا يُلام المجتمع والأسرة الذين قاموا بتعليمها الاعتماد على الغير. وتجد نفسها في الكثير من الأحيان بعد الزواج مضطرة للقيام بهذه الأشياء لأن زوجها الخامل لا يريد أن يقوم بها، لكن الزوج لا يُلام، ويُقال لها هي "لا تعتمدي عليه، وافعلي كل شيء لوحدك وارضي بالأمر الواقع"، بل في أغلب الحالات هي التي تعتني بالزوج الذي يفضّل أن يكون الطفل ويترك كل المسؤوليات لزوجته، فالرجل الكويتي يحمل عقدة الزواج من أمه، ويبدأ بالتعامل مع زوجته بأنها أمه التي من واجبها تدليله والقيام بكل شيء من أجله، والتغاضي عن عيوبه وتقصيره.
كثيراً ما تجد المرأة نفسها وحيدة في زواجها، لا يربطها بزوجها سوى عقد، لا حوار ولا حميمية، بعد أن ماتت الحميمية بينهما بعد فوات بضعة أشهر من زواجهما. هو يجد سعادته مع أصحابه ويتشوّق للخروج من البيت الذي أصبح بالنسبة له المكان الذي يأكل ويستحم وينام فيه فقط. والزوجة تعزّي نفسها بأطفالها، وتحاول أن تشغل نفسها بهم وبمتطلباتهم، وتقنع نفسها أن هذه هي الحياة وهذا هو الواقع الطبيعي للأمور، فأمها أيضاً هكذا، وأختها وصديقتها، لا هدف من الاعتراض.
تقول لي إحداهن: "كنتُ أحزن في بداية زواجنا عندما يقول لي زوجي أنه سيسافر مع أصحابه، أشعر بأنني لا أعني له الكثير، يتخلى عني ويذهب معهم متى ما شعر بالملل من حياتنا، لكنني الآن أفرح عندما يغيب ويسافر، أرتاح جداً عندما لا يكون في البيت معنا، أشعر بأنني حرّة، حرّة من طلباته كلما دخل وخرج من المنزل يسألني أين هذا وأين ذاك، وماذا أعددت للطعام، ومتى سأعود إذا خرجت. أرتاح جداً في فراشي عندما لا يشاركني به. ولم أعد أعتمد عليه بأي شيء، حاجات البيت، إصلاح السيارة، متطلبات الأطفال، أقوم بها كلها بنفسي، أكره الإلحاح، ولن يقوم بأي شيء أطلبه منه مهما ألحيت. بصراحة، لم يعد يهمني إن كان موجوداً بحياتنا أنا والأطفال، لا فرق بين وجوده وعدم وجوده."

المرأة اليوم ترفض أن تكون دمية مبتسمة، فهي شريكة في هذه العلاقة الزوجية وليست لعبة يتسلى بها الرجل، هي أيضاً لها احتياجات نفسية وجنسية يجب على الرجل إشباعها، لا تريد أن تعيش حياتها تتغاضى عن القصور والعيوب، وتفضل العيش من دون زواج على العيش بزواج لا تجد فيه الراحة والسعادة، قد تؤمن بالمرونة لكنها لا تؤمن بالتضحية، قد ترضى بالتفاوض لكنها لن ترضى بالتنازل. صارت المرأة تريد شراكة في الحياة الزوجية، تريد صديقاً مشابهاً لها يمشي بجانبها في رحلة الحياة، تشعر معه بالتكافؤ وبشيء من الصداقة والتفاهم، فالرغبة الجنسية والحميمية يضمران، لكن الحوار والصداقة يدومان.