21 Feb 2017

إلى صديقتي الحبيبة فرح





صديقتي، لا أستطيع أن أصلكِ

الكلمات لا تأتي، والتعابير كلُّها عقيمة. هناك في أكوان الحزن يكون الحديث كالشُّهُب، بريق سريعٌ، لامح، لا يُنير عالم من الظلام؟

صديقتي، للأحزان ألفُ حياة وحياة، إن كان للفرحِ كوكب أو نجمة، فللأحزان مجرّات
صديقتي، أحياناً أودُّ أن أبوح لكِ، أضعُ كلّ ما بي وكل ما أصابني بين يديكِ، نبكيهِ معاً، لولا خشيتي ألا ينتهي البكاء.

صديقتي، حبلُ أفكاري يلتفٌّ حول رقبتي، يشنقني

صديقتي، لقد متُّ كثيراً ولا أدري، وبعد كلُّ ميتة سألتكِ وكأنكِ بقربي، لماذا أطفأ العُمر شموعنا؟ لماذا وَأَد َلهيبنا، وأخمد اشتعالنا وبَقينا فقط في احتراق؟

صديقتي، قلبي يُداس تحت نعل الحياة، وفي عزِّ دموعي وبكلّ ما أوتيت من حزنٍ وخذلان، أسخر منها وأهزأ بها، وتزيد بِدَهسها وذُلُّها الحياة. أرفعُ يدي نائحة: "يا مُوزَّع الأعمار، لقد أخطأتَ في أعمارنا؟ هل تشابهت عليكَ الأقدار، فكتبت لنا قدر ليس بِقَدَرِنا؟ لعلك أخطأت في تقسيم الأوطان؟"

صديقتي، إن كان الحبُّ رِزق، والأملُ رِزق، والسعادةُ وراحة الروحِ رِزق، فكم نحن فقراء!

وإن كناُ من الذين يعشقون بكلّ جوارحهم وعقولهم وطاقتهم، لماذا يُردُّ إلينا شغفنا كخردة زهيدة؟

 صديقتي، لماذا قلوبنا أنا وأنتِ ليست ملكنا؟ ولماذا نحنُ في عيون الناس بقوةِ الحجر، وفي حقيقتنا لسنا إلاّ من زجاج وكل ما تخفيهِ جلودنا محطّم، مكسور، منهار.

صديقتي، لا أستطيع أن أصلكِ، أسمعُ صوتكِ، أنظر في عيناكِ الجميلتان وأردد المجاملات الفارغة، أكرر أسئلة الناس للناس "كيف حالكِ؟ كيف هم أهلكِ؟ كيف كان يومكِ؟"

لا أستطيع أن أصلكِ، فكلّ دروب اللغة مثواها السكوت. لا أستطيع أن آتيكِ بكل انهزاماتي وضياعي، وأرواحي المتعبة والجثث التي تسكنني.

صديقتي، ليس بوسعي أن أمدَّ يدي لمحبتكِ وعطفكِ، ولا أن أستسقي من عفويّتك، وصدقك، وسرعة بديهتكِ التي عودتني، لكنني أحدثكِ دائماً في غرقي، في بكائي، وفي عزلتي، وأحدثك كثيراً في سكوتي.