21 Dec 2013




أَنتَ


أنتَ كُلِّ الأسماءِ التي كانَتْ والِدتكَ تُردّدُها - قبلَ مَجيئِك -  متبوعة بإسمِ أبيكَ،
لِتقيسَ جمالَ إيقاعِها على شَفَتيْها وتتساءل:
إِسمٌ يَصلُح لمحامي! يصلح لطبيب! يصلح لِ ... مُجرم!


أنتَ أنفُكَ القبيح الذي طالما أَردتَ تَجميله،
أنفُكَ القبيح يُشبهُ قُبحَ أخلاقِك،
تُردد في نفسِك:
"ليست أخلاقي الكريهة بل الناسُ كريهون!"
تُواسي نفسكَ الوضيعة:
"ليسَ أنفي الكبير، بل المسافة بينَ عَينيَّ غير متناسبة!"


أنتَ الأيام التي انطَوَت قَبلَ مجيئِك للحياة،
أنتَ الأموات الذينَ تَمَّ اِقتِطافُهُم لِكَيْ تُولَدْ،
تَحقيقاً للتوازنُ الأبديِّ بينَ الأحياءِ والأمواتْ.


أنتَ خُطُواتُ الغريبِ وهُوَ يَقترِبُ مِنكَ
تُحدِّد بِمحضِ ثوانٍ:
هذا انسانٌ كريه لأنه سمين،
هذهِ امرأةٌ فاسِقة لأن ملابسها فاضحة،
هذا رجلٌ مُحتَرم لأنهُ أَهملَ ذِقنهُ.


أنتَ الأوراق البيضاء التي كانَ عليكَ أن تُواجِهها بشجاعة و
تعترف لها بِذنوبِك، لكنكَ جَبنت وتركتها فارغة من دون اعترافات،
هي تَنتظرُك، تَنتَظِرُ الحِبر والتلوّثَ بآدميّتك البشعة!


أنتَ الذينَ لَمْ تَلتَقيهم بَعدْ ولَمْ تَعرِفهم قطْ،
الرّفيق الذي رَسمتَ ملامحه وصِفاته وتظلُّ تبحثُ عنهُ،
أنتَ خَلَقته، وأنتَ أضَعته،
لأنكَ وبعدَ كُلِّ الخيباتِ مازلتَ تحاولُ أن تؤمنَ بشيء،
بالإلاه،
أو
بالحب.


أنتَ الذينَ فارَقتَهُم،
تتذكرهم مرّةً في مُنتصفِ كلِّ شهرٍ عِندما يبزغُ القمر،
تتسائل في نَفسِك:
"كيفَ يَجرُؤ على السُّطوع بعدَ كلِّ ذلكَ الظلام؟ بعد كلِّ ذلكَ السُّكوتْ؟"


أنتَ دولابُكَ الذي يعمُّ بِالفوضى،
في كُلِّ يومٍ تَنوي تَرتيبهُ، فَيَرِدُّ عليكَ صَوتُك:
لِمَ؟ إن كانَ سَيَعودُ لِفوضَتِهِ!
ما لا تُريدُهُ ولَسْتَ بِحاجَةٍ إِليهِ تَجِدُهُ أَمامَك!
أماّ ما أنتَ بِقمةِ الحاجةِ إليه، في ظلامِ الغُموضِ يَختَبىء!
فَيَحِلُّ وجهَ من خَسَرتَهُم بِفَوضَوّيةِ لِسانِكَ مَحَلَّ الأشياء المفقودةِ، وتشعرُ بِصغرِك.


أنتَ ضَميُركَ البارِد
في كلُّ ليلةٍ تُطفىء بٍلَمْسَة زِرٍ صُورَ الأطفال المُشَرَّدينَ، الجائِعينَ، الحُفاة
تُغمِضُ عينيكَ وتنام ونَفسُكَ تُرَدِّدُ:
ليسوا مسؤوليتي
.بل مسؤوليةُ الله