نظرت حولها فرأت كل شيء قد استقر في قالبه
النباتات قد عوّدت جذورها أن لا تتعدى إطار أصيصها المحدود
و الحبوب في أدراج المطبخ قد ملأت
زجاجات القهوة وعلب الآيس كريم الفارغة
و الماء قد ركد و استكان في كل إناء سكبته فيه من عبوات بلاستيكية و جرار
زجاجية
و سمكة الزينة التي ارتضت وعاءها الضيق ونست الأمواج
و الكلمات التي جلست بجمال على أسطر الأوراق
فلماذا إذاً تظل هذه الروح تبحث عن مكان؟
تتمرد على وعاءها الذي خُلقت لتسكنه
ولماذا الثورة والإعتراض؟
تعترض الروح على خنوع العين بأنها لم تعد تطلق عنان البصر و أصبحت تخضع
للأسوار
تعترض الروح على يدان لم تعد تجرؤ و بدأت تؤمن بالحدود و الأعراف
تعترض الروح على قلبها الخافت الباحث عن الأمان
...
ولماذا هي دائماً الصحراء التي لا تنبت فيها الخضرة و إن نبتت فهي ليست
سوى عرفجاً يابساً سرعان ما تحرقه سخونتها و جفافها و صعوبة مراسها
لماذا قلبها كالمنخل تتساقط من ثقوبه الأسماء و الوجوه و الملامح
لماذا تتحاشى الخيوط التي تربطها بالحياة